فصل: خطة مذحج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 خطة مذحج

‏:‏ بالحاء قبل الجيم وهو مالك بن مرة بن أدد بن زيد بن كهلان‏.‏

خطة وعلان‏:‏ بن قرن بن ناجية بن مراد وكلهم من مذحج فاختطت وعلان من الزقاق الذي فيه الصنم المعروف بسرية فرعون وهذا الزقاق أوله باب السوق الكبير واختطت أيضًا بجولان ثم انفردت وعلان بخططها مقابل المسجد المعروف‏:‏ بالدينوري وأسندت إلى خولان وهذه الخطة اليوم‏:‏ كيمان تطل على قبر القاضي بكار‏.‏

خطة يحصب‏:‏ بن مالك بن أسلم بن زيد بن غوث وهذه الخطة موضعها‏:‏ كيمان وهي تتصل بالشرف الذي يعرف اليوم‏:‏ بالرصد المطل على راشدة‏.‏

خطة رعين‏:‏ بن زيد بن سهل‏.‏خطة ذي الكلاع‏:‏ بن شرحبيل بن سعد من حمير‏.‏

خطة المغافر‏:‏ بن يعفر بن مرة بن أدد وهذه الخطة من الرصد إلى قاية بن طولون وهي القناطر التي تطل على عفصة وتفصل بين القرافتين والقناطر للمغافر ولهم إلى مصلى خولان وإلى الكوم المشرف على المصلى‏.‏

خطة سبا وخطة الرحبة‏:‏ بن زرعة بن كعب‏.‏

خطة السلف بن سعد‏:‏ فيما بين الكوم المطل على القاضي بكار وبين المغافر‏.‏

خطة بني وائل‏:‏ بن زيد مناة بن أفصى بن إياس بن حرام بن جذام بن عدي وهي من سفح خطة القبض‏:‏ بالتحريك بن مرثد وهي بجانب خطة بني وائل إلى نحو بركة الحبش قال‏:‏ وكان سبب نزول بني وائل والقبض ورية وراشدة والفارسيين هذه المواضع أنهم كانوا في طوالع عمرو بن العاص فنزلوا في مقدمة الناس وحازوا هذه المواضع قبل الفتح‏.‏

خطط الحمراوات الثلاث‏:‏ قال الكندي‏:‏ وكانت الحمراء على ثلاثة‏:‏ بنو نبه وروبيل والأزرق وكانوا ممن سار مع عمرو بن العاص من الشام إلى مصر من عجم الشأم ممن كان رغب في الإسلام من قبل اليرموك ومن أهل قيسارية وغيرهم‏.‏

قال الفضاعي‏:‏ وإنما قيل الحمرا لنزول الروم بها وهط خطط بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة وفهم وعدوان وبعض الأزد وهم ثراد وبني بحر وبني سلامان ويشكر بن لخم وهذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر وبني نبه وبني الأزرق وهم من الروم وبني روبيل وكان يهوديًا فأسلم‏.‏

فأول ذلك الحمراء الدنيا خطة بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ومنها خطة ثراد من الأزد وخطة فهم بن عمرو بن قيس عيلان ومنها خطة بني بحر بن سوادة من الأزد‏.‏

ومن ذلك الحمراء الوسطى‏:‏ منها خطة بني نبه وهم قوم من الروم حضر الفتح منهم مائة رجل ومنها خطة هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ومنها خطة بني سلامان من الأزد ومنها خطة عدوان‏.‏

ومن ذلك الحمراء القصوى وهي خطة بني الأزرق وكان روميًا حضر الفتح منهم أربعمائة وخطة بني روبيل وكان يهوديًا فأسلم وحضر الفتح منهم ألف رجل وخطة بني يشكر بن جزيلة بن لخم وكانت منازل يشكر مفرقة في الجبل فدثرت قديمًا وعادت صحراء حتى جاءت المسودة يعني جيوش بني العباس فعمروها وهي الآن خراب‏.‏

وقال ابن المتوج‏:‏ الحمراوات ثلاث‏:‏ أولى ووسطى وقصوى‏.‏

فأما الأولى‏:‏ فتجمع جابر الأور وعقبة العداسين وسوق وردان وخطة الزبير إلى نقاشي البلاط طولًا وعرضًا على قدر ذلك وأما الوسطى‏:‏ فمن درب نقاشي البلاط إلى درب معاني طولًا وعرضًا على قدره وأما القصوى فمن درب معاني إلى القناطر الظاهرية يعني قناطر السباع وهي حد ولاية مصر من القاهرة وكانت هذه الحمراوات جل عمارة مصر في زمن الروم فإذا الحمراء الأولى والوسطى هما الآن خراب وموضعهما فيما بين سوق المعاريج وحمام طن من شرقيهما إلى ما يقابل المراغة في الشرق وأما الحمراء الدنيا فهي الآن تعرف بخط قناطر السباع وبخط السبع سقايات وبحكر الخليلي وحكر أقبغا والكوم حيث الأسرى ومنها أيضًا خط الكبش وخط الجامع الطولوني والعسكر ومنها حدرة ابن قميحة إلى حيث قنطرة السد وبستانٍ الطواشي وما في شرقيه إلى مشهد الرأس المعروف بزين العابدين وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله فعمل فوق له طرفان غربي وشرقي فالغربي من شاطئ النيل في الجهة القبلية وأنت مار في الشرف المعروف اليوم بالرصد إلى القرافة الكبرى والشرقي من القرافة الكبرى إلى العسكر وعمل أسفل ما عدا ذلك إلى حد القاهرة‏.‏

أمراء الفسطاط من حين فتحت مصر إلى أن بني العسكر اعلم‏:‏ أن عدة من ولي مصر من الأمراء في الإسلام منذ فتحت وسكن الفسطاط إلى أن بني العسكر تسعة وعشرون أميرًا في مدة مائة وثلاث عشرة سنة وسبعة أشهر أولها يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين من الهجرة النبوية وهو يوم فتح مصر وآخرها سلخ شهر رجب سنة ثلاث ومائة آخر ولاية صالح بن علي بن عبد الله بن عباس على مصر وأول ولاية أبي عون عبد الملك وهو أول من سكن العسكر من أمراء مصر‏.‏

وأول أمراء الفسطاط بعد الفتح على ما ذكر الكندي وغيره‏:‏ عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك‏:‏ أبو عبد الله كان تاجرًا في الجاهلية وكان يختلف بتجارته إلى مصر وهي الأدم والعطر ثم ضرب الدهر ضرباته حتى فتح المسلمون الشأم فخلا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستأذنه في المسير إلى مصر فسار في سنة تسع عشرة وأتى الحصن فحاصره سبعة أشهر إلى أن فتحه في يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين وقيل‏:‏ كان فتح مصر في ثاني عشر بؤنة سنة سبع وخمسين وثلثمائة لدقلطيانوس فعلى هذا يكون فتح مصر في سنة تسع عشرة من الهجرة وتحرير ذلك أن الذي بين يوم الجمعة أول يوم من ملك دقلطيانوس وبين يوم الخميس أول سنة الهجرة ثمان وثلاثون وثلثمائة سنة فارسية وتسعة وثلاثون يومًا فإذا ألغينا ذلك من تاريخ مصر في ثاني عشر بؤنة سنة سبع وخمسين وثلثمائة بقي ثمان عشر سنة وثمانية أشهر وثلاثة أيام وهذه سنون شمسية عنها من سني القمر تسع عشر سنة وشهر وثلاثة عشر يومًا فيكون ذلك في ثالث عشر ربيع الأول سنة عشرين فلعل الوهم وقع في الشهر القبطي وحاز الحصن بما فيه وسار إلى الإسكندرية في ربيع الأول منها فحاصرها ثلاثة أشهر ثم فتحها عنوة وهو الفتح الأول ويقال‏:‏ بل فتحها مستهل سنة إحدى وعشرين ثم سار عنها إلى برقة فافتتحها عنوة في سنة اثنتين وعشرين وقيل‏:‏ في سنة ثلاث وعشرين وقدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدمتين استخلف في إحداهما زكريا بن جهم العبدري وفي الثانية ابنه عبد الله وتوفي عمر رضي الله عنه في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وبويع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فوفد عليه عمرو وسأله عزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن صعيد مصر وكان عمر ولاه الصعيد فامتنع من ذلك عثمان وعقد لعبد الله بن سعد على مصر كلها فكانت ولاية عمرو على مصر‏:‏ صلاتها وخراجها منذ افتتحها إلى أن صرف عنها أربع عبد الله بن سعد بن أبي سرح واسمه الحسام بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ولي من قبل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه فجاءه الكتاب بالفيوم فجعل لأهل أطواف جعلًا فقدموا به الفسطاط ثم إن منويل الخصي سار إلى الإسكندرية في سنة أربع وعشرين فسأل أهل مصر‏:‏ عثمان أن يرد عمرو بن العاص لمحاربته فرده واليًا على الإسكندرية فحارب الروم بها حتى افتتحها وعبد الله بن سعد مقيم بالفسطاط حتى فتحت الإسكندرية الفتح الثاني عنوة في سنة خمس وعشرين ثم جمع لعبد الله بن سعد أمير مصر صلاتها وخراجها ومكث أميرًا مدة ولاية عثمان رضي الله عنه كلها محمودًا في ولايته وغزا ثلاث غزوات كلها لها شأن عزا إفريقية سنة سبع وعشرين وقتل ملكها جرجير وغزا غزوة الأساود حتى بلغ دنقلة في سنة إحدى وثلاثين وغزا ذا الصواري في سنة أربع وثلاثين فقيهم قسطنطين بن هرقل في ألف مركب وقيل‏:‏ في سبعمائة مركب والمسلمون في مائتي مركب فهزم الله الروم وإنما سميت غزوة ذي الصواري لكثرة صواري المراكب واجتماعها ووفد على عثمان حين تكلم الناس بالطعن على عثمان واستخلف عقبة بن عامر الجهني وقيل‏:‏ السائب بن هشام العامري وجعل على خراجها سليمان بن عتر التجيبي وكان ذلك سنة خمس وثلاثين في رجب‏.‏

محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف‏.‏

أمر في شوال سنة خمس وثلاثين على عقبة بن عامر خليفة عبد الله بن سعد فأخرجه من الفسطاط ودعا إلى خلع عثمان وأسعر البلاد وحرض على عثمان بكل شر يقدر عليه فاعتزله شيعة عثمان ونابذوه وهم‏:‏ معاوية بن خديج وخارجة بن حذافة بسر بن أرطأة ومسلمة بن مخلد في جمع كثثير وبعثوا إلى عثمان بأمرهم وبصنيع ابن أبي حذيفة فبعث سعد بن أبي وقاص‏:‏ ليصلح أمرهم فخرج إليه جماعة فقلبوا عليه فسطاطه وشجوه وسبوه فركب وعاد راجعًا ودعا عليهم وأقبل عبد الله بن سعد فمنعوه أن يدخل فانصرف إلى عسقلان وقتل عثمان رضي الله عنه وابن سعد بعسقلان ثم أجمع ابن أبي حذيفة على بعث جيش إلى عثمان فجهز إليه ستمائة رجل عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوي ثم قتل عثمان في ذي الحجة منها فثار شيعة عثمان بمصر وعقدوا لمعاوية بن خديج وبايعوه على الطلب بدم عثمان وساروا إلى الصعيد فبعث إليهم ابن أبي حذيفة خيلًا فهزمت ومضى ابن خديج إلى برقة ثم رجع إلى الإسكندرية فبعث إليه ابن أبي حذيفة بجيش آخر فاقتتلوا بخربتا في أول شهر رمضان سنة ست وثلاثين فانهزم الجيش وأقامت شيعة عثمان بخربتا‏.‏

وقدم معاوية بن أبي سفيان يريد الفسطاط فنزلت سلمنت في شوال فخرج إليه ابن أبي حذيفة في أهل مصر فمنعوه ثم اتفقا على أن يجعلا رهنًا ويتركا الحرب فاستخلف ابن أبي حذيفة على مصر‏:‏ الحكم بن الصلت وخرج في الرهن هو وابن عديس وعدة من قتلة عثمان فلما بلغوا لدًا سجنهم معاوية بها وسار إلى دمشق فهربوا من السجن وتبعهم أمير فلسطين فقتلهم في ذي الحجة سنة ست وثلاثين‏.‏

قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري‏:‏ ولاه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بلغه مصاب ابن أبي حذيفة وجمع له الخراج والصلاة فدخل مصر مستهل ربيع الول سنة سبع وثلاثين فاستمال الخارجية بخربتا شيعة عثمان وبعث إليهم أعطياتهم ووفد عليهم وفدهم فأكرمهم وكان من ذوي الرأي فجهد عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان على أن يخرجاه من مصر ليغلبا على أمرها فإنها كانت من جيش علي رضي الله عنه فامتنع منهما بالدهاء والمكايدة فلم يقدرا على مصر حتى كاد معاوية قيسًا من قبل علي رضي الله عنه فأشاع أن قيسًا من شيعته وأنه يبعث إليه بالكتب والنصيحة سرًا فسمع ذلك جواسيس علي رضي الله عنه وما زال به محمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر حتى كتب إلى قيس بن سعد يأمره بالقدوم إليه فوليها إلى أن عزل أربعة أشهر وخمسة أيام وصرف لخمس خلون من رجب سنة سبع وثلاثين فوليها‏:‏ الأشتر مالك بن الحارث بن خالد النخعي من قبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فلما قدم القلزم شرب عسلًا فمات فبلغ ذلك عمرًا ومعاوية فقال عمرو‏:‏ إن لله جنودًا من عسل‏.‏

ثم وليها‏:‏ محمد بن أبي بكر الصديق من قبل علي رضي الله عنه وجمع له صلاتها وخراجها فدخلها للنصف من رمضان سنة سبع وثلاثين فهدم دور شيعة عثمان ونهب أموالهم وسجن ذراريهم فنصبوا له الحرب ثم صالحهم على أن يسيرهم إلى معاوية فلحقوا بمعاوية بالشأم فبعث معاوية عمرو بن العاص في جيوش أهل الشأم إلى الفسطاط وتغيب ابن أبي بكر فظفر به معاوية بن خديج فقتله ثم جعله في جيفة حمار ميت وأحرقه بالنار لأربع عشرة خلت من صفر سنة ثمان وثلاثين فكانت ولايته خمسة أشهر‏.‏

ثم وليها‏:‏ عمرو بن العاص‏:‏ ولايته الثانية من قبل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فاستقبل بولايته شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وجعل إليه الصلاة والخراج جميعًا وجعلت مصر له طعمة بعد عطاء جندها والنفقة في مصلحتها ثم خرج عمرو للحكومة واستخلف على مصر ابنه عبد الله وقيل‏:‏ بل خارجة بن حذافة ورجع إلى مصر وتعاقد بنو لخم عبد الرحمن وقيس ويزيد على قتل علي ومعاوية وعمرو وتواعدوا ليلة من رمضان سنة أربعين فمضى كل منهم إلى صاحبه وكان يزيد هو صاحب عمرو فعرضت لعمرو علة منعته من حضور المسجد فصلى خارجة بالناس فشد عليه يزيد فضربه حتى قتله فدخل به على عمرو فقال‏:‏ أما والله ما أردت غيرك يا عمرو قال عمرو‏:‏ ولكن الله أراد خارجة ولله در القائل‏:‏ وليتها إذ فدت عمرًا بخارجة فدت عليًا بمن شاءت من البشر وعقد عمرو لشريك بن سمي على غزوة لواتة من البربر فغزاهم في سنة أربعين وصالحهم ثم انتقضوا فبعث إليهم عقبة بن نافع في سنة إحدى وأربعين فغزاهم حتى هزمهم وعقد لعقبة أيضًا على غزوة هوارة وعقد لشريك بن سمي‏:‏ على غزوة لبدة فغزاهما في سنة ثلاث وأربعين فقفلا وعمرو شديد الدنف في مرض موته وتوفي ليلة الفطر فعسله عبد الله بن عمرو وأخرجه إلى المصلى وصلى عليه فلم يبق أحد شهد العيد إلا صلى عليه ثم صلى بالناس صلاة العيد وكان أبوه استخلفه وخلف عمرو بن العاص سبعين بهارًا دنانير والبهار‏:‏ جلد ثور ومبلغه أردبان بالمصري فلما حضرته الوفاة أخرجه وقال‏:‏ من يأخذه بما فيه فأبى ولده أخذه وقالا‏:‏ حتى ترد إلى كل ذي حق حقه فقال‏:‏ والله ما أجمع بين اثنين منهم فبلغ معاوية فقال‏:‏ نحن نأخذه بما فيه‏.‏

ثم وليها‏:‏ عتبة بن أبي سفيان من قبل أخيه معاوية بن أبي سفيان على صلاتها فقدم في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وأقام شهرًا ثم وفد على أخيه واستخلف عبد الله بن قيس بن الحارث وكان فيه شدة فكره الناس ولايته وامتنعوا منها فبلغ ذلك عتبة فرجع إلى مصر وصعد المنبر فقال‏:‏ يا أهل مصر قد كنتم تعذرون ببعض المنع منكم لبعض الجور عليكم وقد وليكم من إذا قال فعل فإن أبيتم درأكم بيده فإن أبيتم درأكم بسيفه ثم رجا في الأمير ما أدرك في الأول أن البيعة شائعة لنا عليكم السمع ولكم علينا العدل وأينا غدر فلا ذمة له عند صاحبه فناداه المصريون من جنبات المسجد سمعًا سمعًا فناداهم عدلًا عدلًا ثم نزل ثم جمع له معاوية الصلات والخراج وعقد عتبة لعلقمة بن زيد على الإسكندرية في اثني عشر ألفًا من أهل الديوان تكون لها رابطة ثم خرج إليها مرابطًا في ذي الحجة سنة أربع وأربعين فمات بها واستخلف على مصر عقبة بن عامر الجهني فكانت ولايته ستة أشهر‏.‏

ثم وليها‏:‏ عقبة بن عامر بن عبس الجهني من قبل معاوية وجعل له صلاتها وخراجها وكان قارئًا فقيهًا مفرضًا شاعرًا له الهجرة والصحبة والسابقة ثم وفد مسلمة بن محمد الأنصاري على معاوية فولاه مصر وأمره أن يكتم ذلك عن عقبة بن عامر وجعل عقبة على البحر وأمره أن يسير إلى رودس فقدم مسلمة فلم يعلم بإمارته وخرج مع عقبة إلى الإسكندرية فلما توجه سائرًا استوى مسلمة على سرير إمارته فبلغ ذلك عقبة فقال‏:‏ أخلعًا وغربة وكان صرفه فولى مسلمة بن مخلد بن صامت بن نيار الأنصاري من قبل معاوية وجمع له الصلات والخراج والغزو فانتظمت غزواته في البر والبحر وفي إمارته نزلت الروم البرلس في سنة ثلاث وخمسين فاستشهد يومئذ‏:‏ وردان مولى عمرو بن العاص في جمع من المسلمين وهدم ما كان عمرو بن العاص بناه من المسجد وبناه وأمر بابتناء منارات المساجد كلها إلا خولان وتجيب وخرج إلى الإسكندرية في سنة ستين واستخلف عابس بن سعيد ومات معاوية بن أبي سفيان في رجب منها واستخلف ابنه يزيد بن معاوية فإقر مسلمة وكتب إليه بأخذ البيعة فبايعه الجند إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فدعا عابس بالنار ليحق عليه بابه‏!‏ فحينئذ بايع ليزيد وقدم مسلمة من الإسكندرية فجمع لعابس مع الشرط القضاء في سنة إحدى وستين وقال مجاهد‏:‏ صليت خلف مسلمة بن مخلد فقرأ سورة البقرة فما ترك ألفًا ولا واوًا وقال ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد‏:‏ كان مسلمة بن مخلد يصلي بنا فيقوم في الظهر فربما قرأ الرجل البقرة وتوفي مسلمة وهو وال لخمس بقين من رجب سنة اثنتين وستين فكانت ولايته خمس عشرة سنة وأربعة أشهر واستخلف عابس بن سعيد‏.‏

ثم وليها سعيد بن يزيد بن علقمة بن يزيد بن عوف الأزدي من أهل فلسطين فقدم مستهل رمضان سنة اثنتين وستين فتلقاه عمرو بن قحزم الخولاني فقال‏:‏ يغفر الله لأمير المؤمنين أما كان فينا مائة شاب كلهم مثلك يولي علينا أحدهم ولم تزل أهل مصر على الشنآن له والإعراض عنه والتكبر عليه حتى توفي يزيد بن معاوية ودعا عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إلى نفسه فقامت الخوارج الذين بمصر وأظهروا دعوته وسار منهم إليه فبعث لعبد الرحمن بن جحدم فقدم واعتزل سعيدًا فكانت ولايته سنتين غير شهر‏.‏

ثم وليها‏:‏ عبد الرحمن بن عتبة بن جحدم من قبل عبد الله بن الزبير فدخل في شعبان سنة أربع وستين في جمع كثير من الخوارج فأظهروا التحكيم ودعوا إليه فاستعظم الجند ذلك وبايعه الناس على غل في قلوب شيعة بني أمية ثم بويع مروان بن الحكم بالخلافة في أهل الشام وأهل مصر معه في الباطن فسار إليها وبعث ابنه عبد العزيز في جيش إلى أيلة ليدخل مصر من هناك وأجمع ابن جحدم على حربه وحفر الخندق في شهر وهو الذي في شرقي القرافة وقدم مروان فحاربه ابن جحدم وقتل بينهما كثير من الناس ثم اصطلحا ودخل مروان لعشر من جمادى الأولى سنة خمس وستين فكانت مدة ابن جحدم تسعة أشهر ووضع مروان العطاء فبايعه الناس إلا نفرًا من المغافر قالوا‏:‏ لا نخلع بيعة ابن الزبير فضرب أعناقهم وكانوا ثمانين رجلًا وذلك للنصف من جمادى الآخرة يومئذ مات عبد اله بن عمرو بن العاص فلم يستطع أن يخرج بجنازته إلى المقبرة لشغب الجند على مروان وجعل مروان صلات مصر عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص أبو الأصبغ ولي من قبل أبيه لهلال رجب سنة خمس وستين على الصلات والخراج ومات أبوه وبويع من بعده عبد الملك بن مروان فأقر أخاه عبد العزيز ووقع الطاعون بمصر سنة سبعين فخرج عبد العزيز منها ونزل حلوان فاتخذها دارًا وسكنها وجعل بها الأعوان وبنى بها الدور والمساجد وعمرها أحسن عمارة وغرس نخلها وكرمها وعرف بمصر وهو أول من عرف بها في سنة إحدى وسبعين وجهز البعث في البحر لقتال ابن الزبير في سنة اثنتين وسبعين ثم مات لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين فكانت ولايته عشرين سنة وعشرة أشهر وثلاثة عشر يومًا‏.‏

فولي‏:‏ عبد الله بن عبد الملك بن مروان من قبل أبيه على صلاتها وخراجها فدخل يوم الاثنين لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وهو ابن تسع وعشرين سنة وقد تقدم إليه أبوه أن يقتفي آثار عمه عبد العزيز فاستبدل بالعمال وبالأصحاب ومات عبد الملك بويع ابنه الوليد بن عبد الملك فأقر أخاه عبد الله وأمر عبد الله فنسخت دواوين مصر بالعربية وكانت بالقبطية وفي ولايته غلت الأسعار فتشاءم الناس به وهي أول شدة رأوها بمصر وكان يرتشي ثم وفد على أخيه في صفر سنة ثمان وثمانين واستخلف عبد الرحمن بن قحزم الخولاني وأهل مصر في شدة عظيمة ورفع سقف المسجد الجامع في سنة تسع وثمانين فولي‏:‏ قرة بن شريك بن مرثد بن الحرث العبسي للوليد بن عبد الملك على صلات مصر وخراجها فقدمها يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول سنة تسعين وخرج عبد الله بن عبد الملك من مصر بكل ما ملكه فأحيط به في الأردن وأخذ سائر ما معه وحمل إلى أخيه وأمر الوليد بهدم ما بناه عبد العزيز في المسجد فهدم أول سنة اثنتين وتسعين وبنى واستنبط قرة بن شريك‏:‏ بركة الحبش من الموات وأحياها وغرس فيها القصب فقيل لها‏:‏ اصطبل قرة واصطبل القاش ثم مات وهو وال ليلة الخميس لست بقين من ربيع الأول سنة ست وتسعين واستخلف على الجند والخراج عبد الملك بن رفاعة فكانت ولايته ست سنين وأيامًا‏.‏

ثم ولي‏:‏ عبد الملك بن رفاعة بن خالد بن ثابت الفهمي‏:‏ من قبل الوليد بن عبد الملك على صلاتها وتوفي الوليد واستخلف سليمان بن عبد الملك فأقر ابن رفاعة وتوفي سليمان وبويع عمر بن عبد العزيز فعزل ابن رفاعة فكانت ولايته ثلاث سنين‏.‏

ثم ولي‏:‏ أيوب بن شرحبيل بن أكسوم بن أبرهة بن الصباح من قبل عمر بن عبد العزيز على صلاتها في ربيع الأول سنة تسع وتسعين فورد كتاب أمير المؤمنين‏:‏ عمر بن عبد العزيز بالزيادة في اعطيات الناس عامة وخمرت الخمر وكسرت وعطلت حاناتها وقسم للغارمين بخمسة وعشرين ألف دينار ونزعت مواريث القبط عن الكور واستعمل المسلمون عليها ومنع الناس الحمامات وتوفي عمر بن عبد العزيز واستخلف يزيد بن عبد الملك فأقر أيوب على الصلات إلى أن مات لإحدى عشرة وقيل‏:‏ لسبع عشرة خلت من رمضان سنة إحدى ومائة فكانت ولايته سنتين ونصفًا‏.‏

فولي‏:‏ بشر بن صفوان الكلبي‏:‏ من قبل يزيد بن عبد الملك قدمها لسبع عشرة خلت من رمضان سنة إحدى ومائة وفي إمرته نزل الروم تنيس ثم ولاه يزيد على إفريقية فخرج إليها في شوال سنة اثنتين ومائة واستخلف أخاه حنظلة‏.‏

فولي‏:‏ حنظلة بن صفوان باستخلاف أخيه فأقره يزيد بن عبد الملك وخرج إلى الإسكندرية في سنة ثلاث ومائة واستخلف عتبة بن مسلمة التجيبي وكتب يزيد بن عبد الملك في سنة أربع ومائة بكسر الأصنام والتماثيل فكسرت كلها ومحيت التماثيل ومات يزيد بن عبد الملك بويع هشام بن عبد الملك فصرف حنظلة في شوال سنة خمس ومائة فكانت ولايته ثلاث سنين‏.‏

وولي‏:‏ محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم من قبل أخيه هشام بن عبد الملك على الصلات فدخل مصر لإحدى عشرة خلت من شوال سنة خمس ومائة ووقع وباء شديد بمصر فترفع محمد إلى الصعيد هاربًا من الوباء أيامًا ثم قدم وخرج عن مصر لم يلها إلا نحوًا من شهر وانصرف إلى الأردن‏.‏

فولي‏:‏ الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم من قبل هشام بن عبد الملك على صلاتها فدخل لثلاث خلون من ذي الحجة سنة خمس ومائة وفي إمرته كان أول انتفاض القبط في سنة سبع ومائة ورابط بدمياط ثلاثة أشهر ثم وفد إلى هشام بن عبد الملك فاستخلف حفص بن الوليد وقدم في ذي القعدة من سنة سبع وانكشف النيل عن الأرض فبنى فيها وصرف في ذي القعدة سنة ثمان ومائة باستعفائه لمغاضبة كانت بينه وبين عبد الله بن الحبحاب متولي خراج مصر فكانت ولايته ثلاث سنين سواء‏.‏

وولي‏:‏ حفص بن الوليد بن سيف بن عبد الله من قبل هشام بن عبد الملك ثم صرف بعد جمعتين يوم الأضحى بشكوى ابن الحبحاب منه وقيل‏:‏ صرف سلخ ثمان ومائة‏.‏

فولي‏:‏ عبد الملك بن رفاعة ثانيًا على الصلات فقدم من الشام عليلًا لثنتي عشرة بقيت من المحرم سنة تسع ومائة وكان أخوه الوليد يخلفه من أول المحرم وقيل‏:‏ بل ولي أول المحرم ومات للنصف منه وكانت ولايته خمس عشرة ليلة‏.‏

ثم ولي أخوه‏:‏ الوليد بن رفاعة باستخلاف أخيه فأقره هشام بن عبد الملك على الصلات وفي ولايته نقلت قيس إلى مصر ولم يكن بها أحد منهم وخرج وهيب اليحصبي شاردًا في سنة سبع عشرة ومائة من أجل أن الوليد أذن للنصارى في ابتناء كنيسة يوحنا بالحمراء وتوفي وهو وال أول جمادى الآخرة سنة سبع عشرة واستخلف عبد الرحمن بن خالد فكانت إمرته تسع سنين وخمسة أشهر‏.‏

فولي‏:‏ عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي أبو الوليد من قبل هشام بن عبد الملك على صلاتها وفي إمرته نزل الروم على تروجة فحاصروها ثم اقتتلوا فأسروا فصرفه هشام فكانت ولايته سبعة أشهر‏.‏